top of page
  • محمد حداد

طارق الناصر.. دافئ عندما تراه وعندما تسمعه


بقلم: محمد حداد


ربما أكون متأخراً في الكلام عن مبدع كطارق الناصر الذي أدهشنا بموسيقاه المبهرة التي كتبها لأكثر الأعمال الدرامية تألقاً سأذكر بعضها (على سبيل المثال لا الحصر)، سأحاول أن أبدأ بمسلسل ((نهاية رجل شجاع)) هذا العمل المؤثر الذي استعمر الأحاسيس بنصه الرائع وتمثيل نخبة من أقدر الممثلين تحت إدارة مخرج مبدع ، لن نتكلم عن الصورة الآن ، فالصوت جدير أيضاً بأن يقول ما تقوله الصورة (وأدفئ).. فالناصر كمؤلف موسيقي أشعل فينا وأطفئ بموسيقاه سواء من خلال أغنية البداية أو من خلال الموسيقى التي امتزجت بالأحداث و (امتزجتنا)!! استطاع الناصر استدعاء ما فينا من جروح وحولها إلى أفكار زخرف بها موسيقاه.


لن أتعرض لكل ما كتب من موسيقى، فطارق الناصر هذا المبدع (الإنسان) عندما تراه تشعر بأنك في مواجهة مع سيل من الأحاسيس التي لن تستطيع تفاديها (كما قال لي أحد الأصدقاء) ، فشخص له القدرة على التحول إلى جوقة كاملة من الصوتيات بمجرد دخوله مغارة (قاعة المحكمة) في البتراء !! فعند وصوله إلى هذه القاعة بدأت الهمهمات تخرج من أعماقه دون أن يعلم ( أو أنه لم يرغب في إيقافها )...... لا تسألوني كيف عرفت ذلك!! ينثر الطقوس أينما ذهب، ويقال أيضاً (الذهب..أينما ذهب)..


مروراً بموسيقى (الجوارح) التي قلبت الذوق العام عند كثير من الشباب حيث أرغمهم (ولست خجولاً أن أقول أرغمهم) بعفوية موسيقاه أن يبحثوا بنهم غريب عن هذه الموسيقى في جميع الأنحاء ، وقد لمست هذا بين طلبتي في الجامعة، ففي إحدى الصباحات التي كنت اسرد لهم عن هذا الفنان الناسك وعن مجموعة من أعماله الموسيقية والغنائية التي أرسلها لي ذات هدية .. أول شيء اتفقوا على السؤال عنه هو(هل يوجد بينها موسيقى الجوارح؟) !! حقا انه عمل لا يمكن تفاديه، و حتى لو استطعت أنت فهو لن يتفاداك.. هذه الموسيقى الملتهبة التي تمسك الشغاف بغجرية الصوت الرجالي و حنان الآهات الأنثوية تحضنها النوبات الجنونية لآلة الكمان.. العمل مليء بالأجواء اللحنية المتباينة مع أن الألحان الرئيسية في المسلسل لا تتجاوز الثلاثة أو الأربعة ألحان لكن في التوزيع نرى التنوع الذي يسرد لنا: شراسة الباشق وحكمة العنقاء و حنان ابن الوهاج ورومانسية عقاب.. جميل أن تكون بصحبة كل هذه الأمزجة والناصر يعزفهم معاً.


بصراحة.. لا أعرف من أين أبدأ.. فشخص متنوع مثل الناصر (وما أقرب هذا ألاسم لقلبي) يربكني الحديث عنه لعشقي المفرط لأعماله.. في اعتقادي العمل معه يكون في منتهى الروعة.. ففريق (رم) مثلاً ، هذا الوادي الذي حفره الناصر بين جبال الفن وملأه بالعازفين وكأنه مختبر يحمل موسيقاه ويدير ظهره لكل ما يقدمه الإعلام العربي من (فنون) مقترحاً ذوقه الخاص ، فريق تشعر بأنه مستمتع بكل نغمة يقدمها لك ويحترمك بكل إخلاص، في هذه الحالة لا يمكننا إلا أن نخلع أذواقنا المتهرئة عند عتبة المسرح و ندخل (وادي رم) بآذان بكر فنستمتع معهم ونتعلم أن الموسيقى تبوح بالحب والألم و الثورة كما يبوح الشعر..


حقاً لا أعرف من أين أبدأ.. فإذا تكلمنا عن موسيقى (يوميات مدير عام)، هذا المسلسل الجريء الذي يقدم أكثر أنواع الكوميديا سواداً، نرى الموسيقى تأتي متأرجحة بين الهزل و الحزن و بها كثير من الإسقاطات كما النص..

وإذا تذكرنا أقرب الأعمال التي كتبها وهي (ملوك الطوائف) ففي هذا العمل الملحمي نرى كيف استفاد من اطلاعه الغير محدود على الثقافات الموسيقية حيث انه يمتلك موسوعة شاسعة من الثقافة الموسيقية و يمتاز بمتابعته الكبيرة للأعمال الجادة في أنحاء الكوكب..


الحق أقول لكم ..أنني لا أعرف من أين أبدأ.. فأعتقد بأني سأنهي هذا الارتباك بتحية إلى هذا الفنان المبدع.. فشكراً لك يا طارق.

RSS Feed
البحث بالتصنيف
كتبت أيضاً..
ما ذهب في الذاكرة..
bottom of page