top of page
محمد حداد

أن تؤلف نغمةً.. تضغط زناداً



موسيقى النضال في مصر (2)


بقلم : محمد حداد


مازلنا في مصر.. ولا أعرف لماذا هذا الإلحاح الذي يسكنني ويجعلني أستدعي جميع التجارب المشرفة للفنانين المصريين وهم يسجلون موقفهم الواضح في دعم القضايا العربية واحترامهم (لمعاهدات الأمن المشترك لجميع الدول العربية!!!) ففي اعتقادي أن الفنان الملتزم تتملكه هذه الوخزة التي تخترق القلب والشرف عندما يشاهد بلداً ينتهك (بغض النظر عن توجهه أو سياسته أو دينه) وفي مصر توجد كثير من هذه النماذج الفنية في التاريخ المعاصر، فهل هناك تجارب موازية في الموقف الرسمي المعاصر؟


فإذا عدنا إلى عبد الحليم حافظ الذي قدم الكثير للقضية الفلسطينية، فنتذكر أولى أغانيه التي قدمها عام 1955 لهذا الشعب المناضل وهي أغنية (ثورتنا المصرية) من كلمات الشاعر مأمون الشناوي والحان رؤوف ذهني. حيث تقول الكلمات:

ضد الصهيونية .. بالمرصاد واقفين و حاترجع عربية .. حبيبتنا فلسطين


وفي العيد العاشر للثورة المصرية قدم حافظ أغنية "مطالب الشعب" التي وجهها إلى الرئيس "جمال عبد الناصر" مطالباً بعودة القدس لأراضينا حيث يقول:


باسم اللاجئ باسم حقوقه في فلسطين باسم دمانا بالشهداء بالفدائيين عايزين يا جمال عايزين عايزين يا أمل ملايين ، العودة العودة لأراضينا نرجع وياك للقدس هناك ، ولغزة ويافا تعود لينا قدها وقدود يا بطل موعود يا حبيب الشعب يا ناصر...


فعندما يغني فنان من مصر هذه الأغنية في العيد العاشر لثورته جاعلاً هذا المطلب من المطالب الشعبية لأبناء بلده، فإنه يعلن هذا الموقف العربي القومي بكل صراحة ووضوح أننا بلد واحد وقلب جريح واحد. أما في حفلته التي تلت نكسة 1967 والتي كان ريعها لصالح المجهود الحربي، حيث احتضنت قاعة ألبرت الملكية (رويال ألبرت هول) بالعاصمة البريطانية لندن هذه الفعالية التي تعتبر من أهم حفلاته وأكثرها تأثيراً، فقد حضر الحفل 8 آلاف شخص من جميع الدول العربية لدعم هذا الحفل، وقدم حليم في هذا الحفل أغنيتين من أفضل أغانيه الوطنية هما "عدى النهار" و "المسيح"، وقد حققت الحفلة نجاحا مادياً وأدبياً غير مسبوق في تلك الفترة.


وفي أغنية (المسيح) التي كتبها الشاعر القدير عبد الرحمن الأبنودي ولحنها الملحن المتنوع والمتميز بليغ حمدي، وهي عبارة عن خواطر شعرية تحكي ما يتمناه أبناء مدينة القدس سردها لنا الأبنودي بصوت عبد الحليم :

تاج الشوك فوق جبينه .. وفوق كتفه الصليب دلوقت يا قدس ابنك .. زي المسيح غريب خانوه نفس اليهود ابنك يا قدس زي المسيح لازم يعود

... على أرضها


وفي تجربة جديدة بين الأخوين علي وأحمد الحجار، قام الأخير قبل ست سنوات تقريباً بتلحين قصيدة (لا تصالح) التي كتبها أمل دنقل عام 1976 ، حيث أوضح علي الحجار سبب اختياره هذه القصيدة، قائلاً: (الظروف التي كتب عنها الشاعر الراحل مازالت قائمة بل زادت سوءاً وهذا يتطلب مواجهتها بدلا من الخنوع لها). وبروح وطنية يتابع (نحتاج إن نعيد للشعر الذي يعبر عن روح الأمة موقعه)، مؤكداً ضرورة (العمل على تجاوز واقع مر لا نحبه بحثا عن واقع جديد تتحقق فيه إنسانية الإنسان العربي وتعيد إليه كرامته). وبهذا النفس الذي عرف الحجار به يبدأ تجربة في منتهى الجرأة مع قصيدة كانت شوكة في خاصرة مصر والعالم العربي كله.

RSS Feed